كفارة القتل العمد والقتل غير العمد
أما القتل العمد فليس فيه كفارة لأنه أعظم من أن يبرأ الإنسان منه بالكفارة وليس فيه إلا قول الله عز وجل (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) والكفارة إنما هي في القتل الخطأ لقول الله تعالى (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا) إلى أن قال (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما) فكفارة القتل خطأ أن يصوم القاتل شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي فإن أفطر ولو يوما واحدا بغير عذر شرعي وجب عليه إعادة الشهرين لأن الله تعالى اشترط فيهما التتابع فإن لم يستطع الصيام فلا شيء عليه لقول الله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) وقوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أنه لا واجب مع العجز وإنما قلنا إنه إذا كان عاجز عن الصوم فلا شيء عليه لأن الله تعالى لم يذكر هذه المرتبة في كفارة القتل وإنما ذكر مرتبتين فقط هما عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين بخلاف الظهار فإن الله تعالى ذكر فيه ثلاث مراتب عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا وإني بهذه المناسبة أحذر إخواننا الذين يقودون السيارات من التهور في القيادة وعدم المبالاة فتجده يخالف ما يعرفه من أنظمة المرور ولا يراعي في ذلك ولا يهتم تجده يكون مسرعا إذا ساق داخل البلد ويقف بدون إشارة الوقوف وينحرف يمينا أو يسارا بدون إشارة إلى أنه سينحرف مما يوجب الخطر عليه وعلى غيره وليعلم أن الكفارة لا تسقط إذا عفى أولياء المقتول عن الدية كما يظنه بعض العامة وذلك لأن الكفارة حق لله والدية حق للآدمي فإذا أسقط الآدمي حقه فإنه لا يملك إسقاط حق الله تبارك تعالى فتبقى الكفارة عليه والكفارة تتعدد بتعدد المقتولين فلو جنى على شخصين فماتا لزمه أن يصوم أربعة أشهر كل شهرين متتابعين وإن جنى على ثلاثة لزمه أن يصوم ستة أشهر وهكذا لكل نفس شهران متتابعان.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين